من الممكن أن نتجادل ونختلف حول إجابة سؤال: من هم الذين أنقذتهم ثورة 25 يناير، لكننا بعد هذا الجدل والخلاف أعتقد أننا سنتفق على أن أهم ما أنقذته هذه الثورة هو برامج التوك شو! فقد كانت برامج التوك شو تلفظ أنفاسها الأخيرة فجاءت «25 يناير» لتمنحها قبلة الحياة وطوق النجاة ورخصة الاستمرار، كانت الريموتات كونترول قد بدأت تتجه، زهقاً ومللاً وأحياناً قرفاً، إلى أى شىء آخر حتى ولو كان تهريجاً وهلساً. أعتقد أننا قد عدنا إلى نفس المربع الآن بعد هذا الرواج السياسى المؤقت والذى لا بد أن يفهم الفضائيون أنه مؤقت، لم تستفد الفضائيات من الدرس، وبالطبع أنا أقصد التوك شو الذى ينتمى لنوعية المكلمة السياسية وهو الخاتم الذى طبعنا به برامج التوك شو والمرادف والترجمة التى اخترعناها لها.. الجمهور بدأ نشيد الملل والزهق والضجر من الرتابة والتكرار والشحن، حدثت خطايا أثناء هذا الزخم البرامجى وتلك السطوة «التوك شوهية» تنتمى إلى الكوارث الإعلامية والعاهات البرامجية، سنظل نعانى من آثارها زمناً طويلاً، فقد تحول المذيع بقدرة قادر إلى مفكر استراتيجى ومحلل فلسفى وطبيب نفسى وزعيم سياسى. وللأسف الشديد الكثير نسى أو تناسى دوره الأساسى كمذيع وسيط بينى وبين الحقيقة، ليست وظيفته ولا مؤهلاته أن يضع نظريات فلسفية أو استراتيجيات سياسية أو خططاً حربية، كما أنه ليس من وظيفتى أن أصنع له صنماً أقدسه وأصلى له صباح مساء، فهم «التوك شوهيون» أو أصحاب المكلمات السياسية تلك البرامج على أنها إشعال حرائق وصراع ديوك وتسخين ضيوف حتى تجلب إعلانات أكثر، نجاح البرنامج يقاس بكمية السباب والشتائم والسخائم التى خرجت من فم الضيف والصراخ الذى انطلق من حنجرة المذيع، ويا ريت الضيف يضرب خصمه بكوب أو بلكمة أو بشلوت، للأسف دخلت برامج التوك شو صدَفة السياسة المغلقة وصوبتها الساخنة ولم تنظر إلى مشاكل مصر الاجتماعية والأسرية وهى ضخمة ومتشعبة وتستحق أن توضع على بند الأولويات، تجاهلوا بند التسلية والترفيه فى مجتمع لم يعد يضحك إلا بشق الأنفس، فلما لم يجد الناس تسلية راقية اتجهوا إلى الهلس والهيافة والردح والفجاجة.